الارشيف / أخبار عربية

أول رسالة من الأمين الجديد لمجلس كنائس الشرق الأوسط

وأوضح عبسى فى رسالة له، أن التحدّى الأكبر والأساس الذى نواجهه، يكمُن فى صيانة الوجود المسيحى فى المنطقة، على مختلف مسمّياتها، وكل ما أسلفتُه يصبّ فى هذا الهدف.

وفيما يلى رسال الدكتور ميشال عبس أمين مجلس كنائس الشرق الأوسط الجديد:

أصحاب القداسّة والغبطة والسيادة، حضرات القساوسة الجزيلى الاحترام والغزيرى المحبّة،

قُدس الآباء الأجلّاء،

السيّدات والسادّة الذين شاركونا اليوم المسكونيّ فى بكركى فى 18 سبتمبر 2020،

الزميلات والزملاء فى مجلس كنائس الشرق الأوسط،

لقد شرّفنى صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجى بتقديره وغَمَرنى بمحبّته فكلّفنى ورشّحنى،

وقد غمَرتمونا بتقديركم ومحبّتكم بقبول التكليف،

فالمسؤوليّة عندى كانت وما برحت وستبقى تكليفًا نُساءل من بعده ماذا فعلنا بالوزنات، والوزنات عزيزة  تمرُّ بمرحلة تاريخيّة فيها من المخاطر ما لا سابق له،

هذه المؤسّسة التى أوليتمونى أمانتها هى منّى وانا منها، اذ فيها كوَّنت أهمّ جزء من كيانى، الجزء المتعلّق بالإيثار ومحبّة الآخر وخدمته حتى النهاية، وكان ذلك تجسيدًا لما تربّيت عليه وتعلّمتُه فى بيتى ومدرستى وجامعتى.

الموعظة على الجبل تَسكُننى منذ نعومة أظفارى، منذ حفظناها فى مدرسة البشارة الأرثوذكسيّة حيث كان دليلنا الى التربيّة المسيحيّة، عبر مادة "الدينيات"، سلسلة كتب "التعليم القويم" القيّمة. ليس أهمّ من المدرسة فى بناء الإيمان و تشييد منظومة القيَم. النبْتُ الصالح ينمو بالعناية - أما الشوك فينمو بالإهمال.

وما بعد الأسرة والمدرسة تتكفّل الجامعة ببناء الإنسان. فى جامعتى، جامعة القديس يوسف فى بيروت، تتجسّد الخدمة المسيحيّة فى تحضير الناس إلى الحياة المهنيّة وتأتى الأخلاقيات البحثيّة والمهنيّة أولًا. منها نهَلتُ معرفة وعٍلمًا وقيما.

هذا المجلس عزيز لما هو، وعزيز لما لى فيه، عقدٌ من العمل الكثيف وعقودٌ من المتابعة والصداقة والالتزام.

إنّه كما أسمّيه دائمًا، المكان الأفضل للعمل المسيحى الجماعى Christian Togetherness أو العمل المشترك.

إنه المكان الذى يمكن أنّ تُحقِّق عبرَه الكنائس مُجتمِعة ما لا يمكنها تحقيقه منفردة، لذلك استمراره ومؤازرته ودعمه تشكّل كلّها أولويّة إيمانيّة لا جدل حولها.

إنما فى الواقع، هذا المجلس هو مؤسّسة وله من المعاناة ما تعانيه المؤسّسات وعليه أن يواجه من التحدّيات ما تواجهه المؤسّسات، لذلك تحتاج بُناه وأولويّات عمله الى تحديث مستدام كى يواكب التطورات التى تجرى فى محيطه وكى يستطيع الاضطلاع بالمهام الجسام المناطة به، أى العمل المسكونى فى خدمة الحضور المسيحى، وتعميم الثقافة المسكونيّة وتجسيدها فى مشاريع شتى، بحسب قدرة القيّمين عليه على الريادة والابتكار والإبداع وتأمين التمويل.

نحن فى عصر المعرفة، حيث أصبحت المعرفة والمعلومة هى المورد الأثمن، وحيث تُدار المؤسّسات والمنشآت بواسطة المعرفة، لذلك سيتحوّل المجلس الى مجتمع معرفة، إلى حالة معرفيّة فى تفاعله مع مكوّناته المؤسّسية كما فى تفاعله مع مختلف مؤسّسات الكنائس، معتمدين وسائل شتّى منها تقنيات التواصل الحديثة التى تسهّل تحقيق هكذا أهداف.

نحن فى عصر الحوكمة، لذلك لا بُدّ من مؤسّسات المجلس أن تعمل وفق مَنطِق الحوكمة. للكل أنّ يقول كلمته، ولكلّ من الشركاء صوته، مما يعنى أنّ منطق أخد القرار سيكون عبرَ الحوكمة والمشاركة وعلى كل المستويات.

نحن فى عصر إدارة الجودة حيث تتسابق مؤسّسات المعمورة الى خطب ودّ الجودة التى أثبتت فاعليتها فى تحسين بُنى المؤسّسات وتطوير وسائل عملها وتحسين إنتاجيتها، لذلك لا بد للمجلس من البدء بمسيرته نحو إدارة الجودة علمًا أنّ بُناه وذهنية العاملين فيه مؤهلة لذلك.

نحن فى عصر الإدارة الاستراتيجيّة للموارد الانسانيّة، لذلك لا بدّ من متابعة المسيرة التى بدأت فى هذا الاتجاه: إرساء قواعد الإدارة العِلميّة للموارد الانسانيّة من أجل رفع إنتاجيتها وتأمين عدالة أفضل فى التعامل معها. فى هذا السياق لا بدّ لكنائسنا من أن ترفدنا بمواردها الإنسانيّة وكفاءاتها إمّا للاستخدام حين تشغر وظائف وإمّا لتعيين أعضاءٍ للجان الدوائر والأقسام أو لتكوين مجموعات التفكير المشترك لمواضيع مستجدّة يريد المجلس أنّ يتعامل معها Think Tanks.

لكنّنا فى زمن التحولات الكبرى حيث يشهد العصر أحداثًا جسام من شأنها تغيير وجه البشريّة. الخطب جَلل و"على الكتف حمّال" كما يذهب القول الشعبى، فهل سنكون على مستوى التحدّيات؟ التاريخ لا يرحم، وهو لا يسجّل الأمانى والنوايا بل الوقائع والأفعال، ودَرَجَ أنّ يكتبه المنتصرون. فهل سنكون نحن منهم؟

أمّا التحدّى الأكبر والأساس الذى نواجهه فيكمُن فى صيانة الوجود المسيحى فى منطقتنا، على مختلف مسمّياتها، وكل ما أسلفتُه يصبّ فى هذا الهدف - التحدّى الذى لا يحتمل لا التأويل ولا الجدل.

ولكن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلّا عبر تعاون كنيسة المسيح مع بعضها البعض، نحن فى المجلس موئل ومعقل التعاون المسيحى، نحن مؤسّسة الـ Interchurch والعمل المشترك.

هناك حقول كثيرة غير مزروعة بين الكنائس نحن مدعوون لتحويلها إلى أماكن خصيبة حيث تنمو التجارب المشتركة والتناضج فتتحوّل هذه الأماكن الى مساحات محبّة ومعرفة.

الحفاظ على أهلنا فى أرضهم، حيث هُمّ منذ أكثر من الفين، يحتاج الى جهود جبّارة خارجة عن المألوف، تستوجب اعتماد وسائل جديدة على مستوى التحدّيات ونحن مدعوون أنّ نكون لها.

إنّ التجدّد الروحى والتربية والثقافة المسيحيّة هى أدوات اساسيّة للصمود والبقاء، لكن للحياة أبعاد ماديّة أيضًا لا يمكن تجاهلها ولا بدّ من التعامل معها مثل التأهيل المهنيّ والسكن والعناية الصحيّة و التعليم.

لا أدّعى أن على الكنيسة الحلول مكان الدولة وملئ فراغها فى منطقتنا، لكنى أشهد فقط أنّ الكنيسة شكّلت شبكة الأمان عندما انهارت الدولة وتفكّك المجتمع فى لبنان، وتجربتى الشخصيّة فى هذا المجال تنبئنى بذلك.

إنّ أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتى على المجموعات البشريّة الحيّة، فلا يكون لها خلاص منها إلّا بالإيمان المدَعَّم بالخدمة لأنّ الحياة مادّة وروح.

على الرغم من صعوبة الزمن الحالى وعلى الرغم من الأزمات التى تعصِف بنا، أن نكون واحدًا هو الحلّ. إمّا أن نكون رُزمة متراصّة فلا يقوى أحد على كسرنا، وإمّا ان نكون شراذم فنُكسَر عودًا عودًا. و ما أوردِه بالنسبة الى المسيحيين ينطبق على الوطن.

لقد أثبت التاريخ ودراسات العلم - اجتماعيّة أنّ القيَم التى ينضَحُ بها إيماننا هى التى كانت وراء نهضة البشريّة وتقدّمها العلميّ، وهى التى كانت وراء اختراع المدرسة والجامعة والبحث العلمى والخدمة الاجتماعيّة ومظاهر الحضارة كافّة، لذلك عندى يقين راسخ أنّ هذه الكرمة التى زرعها الربّ منذ الفين ستستمر بالنمو لتشمل مساحات أكبر من هذا الكون.

إنّ أبواب الجحيم لن تقوى عليها.

عرضنا لكم زوارنا الكرام أهم التفاصيل عن خبر أول رسالة من الأمين الجديد لمجلس كنائس الشرق الأوسط على دوت الخليج فى هذا المقال ونتمى ان نكون قدمنا لكم كافة التفاصيل بشكل واضح وبمزيد من المصداقية والشفافية واذا اردتكم متابعة المزيد من اخبارنا يمكنكم الاشتراك معنا مجانا عن طريق نظام التنبيهات الخاص بنا على متصفحكم او عبر الانضمام الى القائمة البريدية ونحن نتشوف بامدادكم بكل ما هو جديد.

كما وجب علينا بان نذكر لكم بأن هذا المحتوى منشور بالفعل على موقع مبيدأ وربما قد قام فريق التحرير في دوت الخليج بالتاكد منه او التعديل علية اوالاقتباس منه او قد يكون تم نقله بالكامل ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements